
إعادة تعريف الاستثمارات البديلة في الرياضة وما بعدها
[قراءة 10 دقائق]
يتناول عدد هذا الأسبوع من سلسلة كفاح المؤسسين، رحلة هادي حلبي، الذي انتقل من العمل مصرفياً في صفقات الاندماج والاستحواذ إلى ريادة الأعمال، حيث أسّس منصة Stryde، المنصة الأولى والوحيدة المنظمة للاستثمار في الأسواق الخاصة في منطقة MENA. انطلق هادي من قناعة راسخة بأنّ الأسواق الخاصة يجب أن تكون متاحة للجميع، فابتكر منصة تُمكّن المستثمرين في أي مكان من العالم من الوصول إلى صفقات عالمية، بدءاً من تحويل الرياضة إلى فئة أصول قابلة للاستثمار فعلياً. قصته هي حكاية إصرار ورؤية وإرادة لإعادة تشكيل مفهوم الاستثمارات البديلة وآليات الوصول إليها.
من عالم المصارف إلى بناء الشركات
تشكلت رحلة هادي نحو ريادة الأعمال على أساس متين من الخبرة المالية والاستراتيجية. بدأ مسيرته المهنية في شركة EY، قبل أن ينتقل إلى لندن لدراسة الماجستير في الاقتصاد والاستراتيجية في Imperial College. وبعد التخرج، دفعه تفشي جائحة COVID-19 إلى الانتقال إلى دبي، حيث التحق بفريق إعادة الهيكلة في Deloitte. وبعد عام واحد، انتقل إلى مجال المصرفية الاستثمارية، متخصّصاً في صفقات الاندماج والاستحواذ.
ورغم مساره المهني السريع، ظلّت فكرة ريادية تراوده لسنوات. فقد لاحظ أنّ أصدقاءه وزملاءه في مجالات المال والقانون والاستشارات يملكون دخلاً فائضاً، لكنّ فرصهم الاستثمارية تظل محدودة بما هو متاح في الأسواق العامة. عندها تخيّل منصة مدعومة بالتقنية تتيح ديمقراطية الوصول إلى هذه الفرص، على غرار ما تفعله صناديق رأس المال الجريء أو الملكية الخاصة. ويقول هادي: "بعد بضع سنوات في مجال الاندماج والاستحواذ، قررت أن أضع نقطة النهاية. ظلّت هذه الفكرة في ذهني لما يقارب خمس سنوات، وكنت أعلم أنّ الوقت قد حان لأطلق شركتي الخاصة".
ولادة منصة Stryde
بالشراكة مع المؤسِّس المشارك عماد يحيى، وهو مهندس سابق في شركة Google، أنشأ هادي منصة رقمية متكاملة، منظَّمة، وسلسة الاستخدام، تُمكّن أي شخص حول العالم من تصفح صفقات الأسواق الخاصة والاستثمار في فرص كانت حكراً على المستثمرين المؤسسيين. في البداية، انصبّ التركيز على الشركات التقنية ورأس المال الخاص، لكن مع التعمق في البيئة التنظيمية بالشرق الأوسط بدأت فرص جديدة بالظهور.
أدرك الفريق الإمكانات غير المستغلة في الاستثمارات الرياضية، وهي سوق ضخمة لكنها غير مطوَّرة بما يكفي من منظور استثماري، فاختاروا تغيير المسار. هذا التحوّل جعل Stryde أول منصة رقمية في العالم للاستثمار في الرياضة.
شكّل الحصول على الموافقة التنظيمية محطة حاسمة ومقصودة في رحلة الشركة. فقد استغرقت العملية ثمانية عشر شهراً من الجهد المتواصل، وصفها هادي بأنها "عملية صارمة ومعقدة"، لكنها في النهاية مكّنت المستثمرين من أي مكان في العالم من التسجيل، وإتمام إجراءات مكافحة غسل الأموال (AML) والتحقق من الهوية، ثم البدء بالاستثمار في صفقات عالمية بمبالغ تبدأ من 1000 دولار فقط.
مهّد النجاح في نموذج الرياضة الطريق أمام التوسع نحو رأس المال الجريء من خلال الاستحواذ على شركة Qora71، ما وسّع نطاق عمل Stryde ورسّخ مكانتها كمنظومة رقمية شاملة للاستثمار.
ويشرح هادي قائلاً: "اليوم، تقف Stryde كأول وأهم منصة منظَّمة للاستثمار في الأسواق الخاصة في منطقة MENA. أمّا في مجال الرياضة، فنحن الشركة الوحيدة في العالم التي تتيح للناس الاستثمار في الأندية والفرق الرياضية بالطريقة التي نقدّمها".
فتح سوق الرياضة
بدأ دخول Stryde إلى عالم الاستثمارات الرياضية من خلال صفقة بارزة مع نادي واتفورد لكرة القدم (Watford FC)، وهو نادٍ ينشط حالياً في دوري الدرجة الأولى الإنجليزي (Championship)، ويحمل تاريخاً في الدوري الإنجليزي (Premier League). جاءت الصفقة عبر شراكة مع منصة Republic، وهي منصة استثمار أميركية كانت تعمل على إتمام العملية. حصل هادي وفريقه على حصة استثمارية بقيمة مليون دولار أميركي، وأطلقوها عبر Stryde. جاءت النتائج فورية؛ إذ ارتفع عدد زوّار المنصة وتزايد التفاعل والزخم بصورة غير مسبوقة، ما شكّل دليلاً على أنّ الرياضة قادرة على فتح مستوى جديد كلياً من الحماس لدى المستثمرين.
وعلى عكس صفقات الشركات الناشئة التقليدية، جذب نادٍ لكرة القدم الاهتمام بطريقة حسية ومباشرة. لكن صفقة واتفورد كشفت أيضاً التحديات الكامنة في خوض مجالات جديدة. فلأسباب متعددة انهار هيكل الاستثمار المشترك، ولم تكتمل الصفقة، ما أجبر Stryde على ردّ جميع التزامات المستثمرين، في انتكاسة صعبة في بداية الطريق.
مع ذلك، لم يوقفهم هذا التعثّر. فقد جاءت أول صفقة مغلقة ومكتملة بعد فترة وجيزة مع نادٍ أوروبي آخر لكرة القدم. ومن هناك، وسّعت Stryde نشاطها نحو فرص جديدة، من بينها الاستثمار في شركة Epic Padel، وهي شركة أميركية متخصّصة في رياضة البادل، وأُغلقت الصفقة بنجاح.
من الفضول إلى الالتزام
إذا كان الحصول على صفقات رياضية لافتة بحدّ ذاته تحدياً، فإن إقناع المستثمرين الأفراد بضخّ أموال فعلية كان تحدياً آخر. كما يذكر هادي: "مشاهدة صفقة عبر الإنترنت شيء، والالتزام برأس المال شيء آخر تماماً". ففي المراحل الأولى، لم يكن المنتج مصقولاً كما هو عليه اليوم؛ إذ واجه المستخدمون صعوبة في فهم الرسوم والعوائد، بل وحتى الآلية التي تعمل بها المنصة.
هذا الاحتكاك دفع الفريق إلى مرحلة من التعلّم المكثّف والمباشر. فقد أمضى هادي ساعات طويلة يتواصل مع مستثمرين محتملين هاتفياً، شارحاً لهم كيفية عمل Stryde، ولماذا تُعَد الرياضة فئة أصول استثمارية واعدة، وما الذي تقدّمه كل صفقة من عوائد. كانت عملية شاقة، لكنّ كل محادثة كشفت ثغرات جديدة في المنصة.
تحوّل هذا المسار إلى حلقة تغذية راجعة لا تُقدَّر بثمن. فمن خلال دمج الملاحظات النوعية مع البيانات السلوكية للمستخدمين—مثل نقاط التوقف، والصفحات التي يقضون وقتاً أطول فيها، والعوامل التي تحفّز قراراتهم الاستثمارية—بدأ الفريق بإعادة تشكيل المنتج قطعةً قطعة. واليوم، باتت Stryde قادرة على تثقيف المستخدمين، جذبهم، وتحويلهم إلى مستثمرين بشكل ذاتي.
من المصدر إلى الإغلاق: كيف تُبرَم الصفقات
في البدايات، كان مسار الاستثمار عبر Stryde أشبه بعملية توازن دقيقة، أو ما يُعرف بـ"معضلة الدجاجة والبيضة". فمن جهة، كان هناك الصناديق ومديرو الصفقات في قطاع الرياضة، ومن جهة أخرى مستثمرون فضوليون لكن غير ملتزمين. اضطر هادي لإقناع الطرفين في الوقت نفسه. فكان يتوجّه إلى الصناديق قائلاً: "هل يمكننا الحصول على تخصيص بقيمة مليون دولار؟ أستطيع أن أجلب لكم رأس المال". وبالمقابل، عرض على المستثمرين طرحاً بسيطاً: "لدينا صفقات مذهلة، انضموا إلى المنصة". وكما يضيف: "كان عليّ أن أقنع الطرفين بأنّ لدي شيئاً ملموساً، رغم أنّي لم أكن أملك شيئاً في البداية".
نجح النموذج، لكنه تطلّب جهداً هائلاً لبناء المصداقية. أمّا اليوم فقد انقلبت المعادلة؛ إذ باتت الصفقات تأتي إلى Stryde. فمستثمر يعمل على صفقة مع فريق في NBA أو على تخصيص في Formula 1 يتقدّم إليهم لمعرفة ما إذا كانوا مهتمين. وإذا كانت الصفقة مناسبة، Stryde تتيحها للمستخدمين على المنصة.
جزء كبير من الجاذبية يكمن في الندرة. فالأصول الرياضية يصعب الوصول إليها بشدة، حتى بالنسبة لمستثمر يملك مليون دولار، إذ نادراً ما يتمكّن من دخول نادٍ في Premier League أو فريق في NBA. هذه الحصرية جعلت منصة Stryde استثنائية، قادرة على جذب طيف واسع من المستثمرين؛ بدءاً من أفراد يتمتعون بخبرة استثمارية ومستعدّين لضخ 10 آلاف دولار، وصولاً إلى أصحاب الثروات الكبيرة، والمكاتب العائلية (Family Offices)، والمؤسسات. ويبلغ متوسط التذكرة الاستثمارية على المنصة مستوى لافتاً بالنسبة لمنصة موجهة للأفراد، إذ يقارب 50 ألف دولار لكل مستثمر.
هذا التموضع مقصود. فبعكس منصات التمويل الجماعي حيث يمكن للمستخدم المساهمة بمبالغ صغيرة كـ50 أو 100 دولار، اختارت Stryde التوجّه التدريجي نحو شريحة السوق العليا. ورغم أنّ اللوائح التنظيمية تسمح بتذاكر استثمارية تبدأ من 500 درهم إماراتي، فإن الشركة لم تقبل يوماً مبالغ بهذا الحجم. أما صفقات الرياضة اليوم فتبدأ بحد أدنى يبلغ 5000 دولار.
ومع ذلك، تبقى العملية حساسة من حيث الوقت. فبما أنّ Stryde تستثمر إلى جانب صناديق رأس المال الخاص (Private Equity Funds) أو المستثمرين الرئيسيين، تأتي التخصيصات دائماً بمواعيد نهائية. وإذا لم يكتمل جمع الحصة بسرعة كافية، تضيع الفرصة. وكما يوضح هادي: "هذا ليس فشلاً، بل ببساطة جزء من اللعبة؛ حتى الصناديق الكبرى تخسر تخصيصات حين لا يتوافق التوقيت".
أما على صعيد نموذج العمل، فهو بسيط وواضح. إذ تفرض Stryde على المستثمرين رسماً إدارياً مقداره 5% يُحصَّل مرة واحدة عند تنفيذ الاستثمار، بدلاً من أن يكون سنوياً، إضافة إلى أخذ نسبة 15% من الأرباح عند التخارج.
المخاطر في الاستثمار الرياضي
مثل أي فئة من الأصول، يحمل الاستثمار في الرياضة مجموعة من المخاطر، وإن كانت مختلفة عن تلك المرتبطة بالشركات الناشئة أو الأسهم العامة. وكما يشير هادي، فإن ما يميز الأندية الرياضية أنّها نادراً ما تُفلس. ويضيف: "لا تقل أبداً مستحيل، فقد انهارت بعض الأندية الفرنسية والإيطالية، لكن في معظم الحالات لا يكون الخطر خسارة كاملة، بل غالباً انخفاض في التقييم، من دون أن يختفي النادي تماماً".
إحدى التحديات الرئيسية في الرياضة هي ظاهرة الملكية من باب الوجاهة (Vanity Ownership)؛ إذ يشتري العديد من الأثرياء أندية بدافع الشغف أو المكانة الاجتماعية، من دون وجود خطة واضحة لتحقيق عوائد مالية. تتفادى Stryde هذا الفخ عبر التركيز على الاستثمار المشترك إلى جانب صناديق رأس المال الخاص. فهؤلاء المستثمرون الماليون يعملون وفق تفويض محدد: استثمار رأس المال وتحقيق عوائد مجزية للشركاء المحدودين ضمن فترة زمنية واضحة. هذا التوافق في الحوافز يضمن أن تكون الاستثمارات موجَّهة نحو الربحية لا نحو الوجاهة.
أما الخطر الثاني البارز فهو السيولة. فالأصول الرياضية ليست سهلة التداول، ما قد يجعل خروج المستثمر في الوقت الذي يريده أمراً صعباً. وللتغلب على ذلك، أنشأت Stryde سوقاً ثانوية منظَّمة خاصة بها. إذ يتم تجميع جميع المستثمرين في أداة استثمار ذات غرض خاص (SPV – Special Purpose Vehicle) مُسجَّلة في مركز دبي المالي العالمي وتُدار من قبل Stryde، بما يتيح للمستثمرين بيع حصصهم أو نقلها داخل الأداة نفسها، من دون التأثير على ملكيتها في النادي الرياضي. ولتحقيق التوازن بين المرونة والاستقرار، تفرض الشركة فترة حجز (Lock-up Period) مدتها 12 شهراً، وبعد انقضائها يستطيع المستثمرون البدء ببيع حصصهم.
البناء بموارد محدودة
عندما سُئل هادي عن أصعب التحديات خارج الإطار التنظيمي، كانت إجابته مباشرة: الموارد. ففي عالم الشركات الناشئة، تعني الموارد رأس المال والأفراد معاً، وكانت Stryde تعاني من نقص في كليهما. ومن دون وفرة في التمويل أو فريق عمل كبير، وقع العبء الأكبر في البدايات على عاتق المؤسسين أنفسهم. وكما يعلّق هادي: "في اللحظة التي تتوقف فيها عن الاعتماد على نفسك، تنخفض الجودة، لأنّ أحداً لن يعرف مشروعك كما تعرفه أنت". أمّا استقطاب الكفاءات المناسبة فكان معركة مستمرة؛ إذ مرّ الفريق بدورات متكررة من التوظيف، ثم اكتشاف عدم الملاءمة، ثم العودة للبحث من جديد.
ورغم صعوبة ندرة رأس المال، يرى هادي في ذلك نعمة مقنّعة. فقد أجبرت الظروف Stryde على النمو بطريقة إبداعية ومستدامة. وعلى عكس العديد من شركات التقنية المالية، لم تُنفِق الشركة أموالاً على حملات التسويق الرقمي. بل اعتمدت على سمعة المنصة والتأثير الشبكي، ما جعل تكلفة الاستحواذ على العملاء تساوي صفراً. صحيح أنّ النمو كان أبطأ وأصعب، لكنه في النهاية كان أكثر صلابة وأصالة.
هذا القيد شكّل أيضاً الطريقة التي صُمِّمت بها المنصة. ففي البداية، كان المستخدمون قادرين على الوصول إلى كل شيء بمجرد إدخال بريد إلكتروني. لكن تدفق العملاء غير المؤهلين سرعان ما أثقل كاهل الفريق. وللحفاظ على الكفاءة، بدأوا بإضافة بعض العوائق عمداً؛ أولاً بعرض النقاط البارزة فقط، ثم باشتراط إكمال عملية التسجيل الكاملة قبل الوصول إلى أي صفقة. ومن خلال التركيز على الجودة بدلاً من السعي وراء الحجم، تمكنوا من توجيه مواردهم المحدودة نحو المستثمرين الأكثر جدية وإمكاناً لإتمام الصفقات.
التوسّع إلى ما بعد الرياضة: استحواذ Qora71
لم يكن دخول Stryde إلى عالم رأس المال الجريء توسعاً مُخططاً بعناية، بل جاء نتيجة اغتنام فرصة. فقد التقى هادي بـيوسف سالم، مؤسس Qora71 والرئيس المالي التنفيذي لشركة Adnoc Drilling، وبدأ النقاش أولاً حول سُبل التعاون. لكن مع تطور المحادثات، أدرك هادي فرصة أعمق، كما يقول: "رأيت أنّ الاستحواذ على Qora71 والاستفادة من المجتمع وشبكة المستثمرين الملائكة التي بناها يوسف سيكون خطوة استراتيجية أكبر".
تأسست Qora71 في أبوظبي، وسرعان ما نمت لتصبح واحدة من أبرز التجمعات الاستثمارية الملائكية (Angel Syndicates) في المنطقة، إذ ضمّت أكثر من 200 عضو وسجّلت ما يزيد على 50 صفقة استثمارية مُجمَّعة. ولتسريع النمو، استحوذت Stryde على 100% من أسهم Qora71 عبر صفقة تبادل أسهم، أصدرت بموجبها أسهماً جديدة مقابل الملكية الكاملة.
أُعيدت تسمية الكيان الجديد إلى Stryde71 ليصبح الذراع الاستثماري لشركة Stryde في مجال التقنية وصفقات رأس المال الجريء. كما انضم يوسف إلى الشركة شريكاً، جالباً معه خبرته وشبكته الواسعة. وسريعاً ما تحرّك مع هادي لدمج العمليات؛ إذ يقول: "خلال ستة أسابيع فقط، أصبح لدينا موقع إلكتروني مكتمل التشغيل ومنصة رقمية جاهزة للعمل".
يعكس نموذج رأس المال الجريء في Stryde71 الأسلوب ذاته المتّبع في الرياضة، مع بعض التعديلات الطفيفة. فالحد الأدنى للاستثمار يتراوح بين 1000 و3000 دولار، بما يتماشى مع طبيعة قاعدة المستثمرين المختلفة، بينما تبقى العملية نفسها. ومع وجود صفقات تتجاوز قيمتها الإجمالية مليون دولار، وهدف واضح بتنفيذ استثمار واحد شهرياً، بدأت Stryde71 بالفعل بتجميع فرص استثمارية تمتد من الشركات الناشئة في مراحلها الأولى إلى الشركات المتأخرة النمو. بالنسبة لهادي، يشكّل هذا الاستحواذ جزءاً من رؤية أوسع لبناء منظومة متكاملة من فرص الاستثمار البديلة.
موازنة العمليات التقنية والاستثمارية
إدارة شركة تجمع بين كيان تقني وشركة استثمارية تأتي مع تحديات فريدة. ففي الأيام الأولى، كان هادي يتقلّد كل الأدوار بنفسه. ويُعد هذا النهج العملي أحد السمات المميزة لبناء شركة في مراحلها المبكرة، إذ يمنح المؤسسين فهماً دقيقاً لكل جانب من جوانب العمل.
مع نمو Stryde، بدأت المهام تتوزّع بين فرق متخصصة. ففريق المنتج يركز على تجربة المستخدم، والتفاعل، والتطوير المستمر بناءً على التغذية الراجعة، بينما يركّز الفريق الاستثماري على البحث عن أفضل الصفقات، والتعامل مع مستثمرين من الطراز الرفيع، وتأمين التخصيصات المميزة.
ورغم هذا الفصل في المهام، تظل الشركة مترابطة بشكل وثيق؛ فالتسويق، والمنتج، والتقنية، والمالية، والاستثمارات جميعها متشابكة، مما يتطلب تنسيقاً دقيقاً للحفاظ على التماسك. يرى هادي أن دوره يجمع بين الإشراف على هذه الوظائف وتمكين الفرق المتخصصة تدريجياً لتتولى المسؤولية. وبينما يظل مشاركاً في جميع المجالات، يتحوّل التركيز تدريجياً نحو بناء فرق قوية قادرة على التنفيذ بشكل مستقل، ما يتيح له التركيز على الاستراتيجية والنمو، من دون الانغماس في كل تفاصيل العمل.
تمويل الرؤية
كانت رحلة جمع التمويل بالنسبة لشركة Stryde ثابتة واستراتيجية. وحتى الآن، جمعت الشركة مليون دولار في البداية، وتأمنت نحو 3 ملايين دولار من تمويل رأس المال الجريء، رغم أنّ هذه الجولة توقفت في النهاية. يوضح هادي أنّه في ذلك الوقت لم تكن هناك حاجة ملحة لتخفيف حصة الملكية، خصوصاً قبل إطلاق Stryde71: "كنا نريد قياس الزخم، والتفاعل، والأثر العام لتوسعنا نحو صفقات رأس المال الجريء قبل الالتزام بجمع تمويل خارجي إضافي".
وقد أثبت هذا القرار صوابيته. فقد أسفر إطلاق Stryde71 عن نتائج قوية، مما منح الفريق الثقة في أن بإمكانهم الاستمرار في النمو بمفردهم. ومع ذلك، يترك هادي الباب مفتوحاً: "اعتماداً على فرص النمو المستقبلية، قد نعود إلى سوق التمويل لتسريع التوسع".
وعلى المدى القريب، ألمح هادي إلى "أخبار كبيرة" متوقعة خلال الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة، مع الاحتفاظ بالتفاصيل سرية. أما أولويات الشركة المستقبلية فهي واضحة: زيادة الحصة السوقية، وتأمين المزيد من الصفقات، وتوسيع الأصول المدارة، وجذب المزيد من المستثمرين إلى المنصة.
الدروس المستفادة والتأملات
بالنسبة لهادي، كان بناء Stryde أكثر التجارب مكافأة وصعوبة في حياته. فهذه الرحلة تختبر الانضباط والمرونة والقناعة يومياً. ويعترف: "الأمر صعب جداً… فأنت دائماً على بعد يوم واحد من الإفلاس". ومع كثرة التحديات والمسؤوليات، تظل النمو الشخصي والخبرة المكتسبة لا مثيل لهما.
يؤكد هادي على أهمية إحاطة نفسك بالأشخاص المناسبين. وينصح المؤسسين بالعمل مع من يحلّون المشكلات بدلاً من من يبحثون عن المشاكل، أي المحترفين الذين يساهمون في التنقل عبر الأطر المعقدة بطريقة إبداعية، لا تعيق العمل.
وعند النظر إلى الصورة الكبرى، يطمح هادي لأن يكون "واحداً من أكثر القادة المؤثرين في الأعمال بالمنطقة، يخلق تأثيراً دائماً على نطاق واسع". ويركّز على بناء شيء كبير وذو معنى ومستدام، شركة وإرث يترك بصمة واضحة على كل من منظومة الاستثمار والصناعات التي يتعامل معها.
اشترك في نشرتنا الإخبارية لتكون أول من يعرف عند نشر قصص جديدة من "كفاح المؤسسين"!